ينظر العالم أجمع بعين الأمل والرجاء للباحثين والمختصين في المراكز البحثية والجامعات متطلعين الى اليوم الذي يتوصل فيه هؤلاء إلى علاج ولقاح لفيروس كورونا الذي يواصل انتشاره في معظم دول العالم مسبباً الموت والهلع، ويطالب قادة دول العالم والبشرية جمعاء هذه المراكز تسريع البحث العلمي وتركيز الجهود في هذا الصدد، كما يأملون من الحكومات توفير كل المتطلبات التي تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة كالأموال والتجهيزات بغية دعم البحث عن لقاحات وطرق فاعلة لكشف الفيروس والقضاء عليه، على أمل الخلاص من الأزمة غير المسبوقة والتي تنذر بخطر يداهم مستقبل البشر ويغير ملامح حياتهم.
لقد لفتت أزمة وباء كورونا الأذهان إلى أهمية البحث العلمي، وضرورة إعادة ترتيب أولوياته لتكون في خدمة الانسان وصحته ورفاه حياته، الشيء الذي سيدفع العالم لإعادة التفكير في غايات البحث العلمي وتخليصه من كل الشرور التي قد تكون تسببت في خروجه عن مساره الإنساني.
إنَّ البحث العلمي يطرق أبواب مجالات المعرفة كافة، ولكن تتباين دوافع واهتمامات الدول والمؤسسات في البحث في هذه المجالات بين ما يشكل خدمة للبشرية كالبحث في علوم الطب والعقار ومكافحة الأمراض وبين ما يتسبب بنتائج كارثية كالبحوث التي تسعى لتطوير الأسلحة والمواد المتفجرة والغازات والمواد القاتلة، وقد يكون وباء كورونا كشف عيوبا عديدة في نظم حياة الانسان في العالم كافة وفي مقدمتها الخلل في أولويات البحث العلمي في العالم ودلالة ذلك انكشاف ضعف قدرة الدول المتقدمة في البحث العلمي على مواجهة الوباء والحد من انتشاره، وعدم الجاهزية الكافية في هذه الدول لتوظيف الخبرات العلمية ونتائج البحوث في هذا الصدد في دلالة على أن مجالات بحثية أخرى قد تصدرت سلم أولويات البحث العلمي لديها.
من جهة أخرى أشار العديد من قادة دول العالم وفي مقدمتهم جلالة الملك عبدالله الثاني إلى ضرورة بناء تحالفات عالمية لمواجهة فيروس كورونا، وهنا يتم تسليط الضوء على إشكالية أخرى في إدارة البحث العلمي بما يخدم الانسان في جميع أرجاء العالم، وهي ضعف بناء التحالفات الدولية لخدمة البحث العلمي لغايات بناء الأفكار والحلول بصورة تشاركية وتضافر الجهود البحثية مما يوفر الوقت والجهد ويجعل النتائج ذات جدوى.
كورونا يضع العالم أمام مصير مشترك تحت وطأة تهديد صحة الانسان وانهيار الاقتصاد العالمي وما سينجم عنه من تبعات كبيرة قد تشكل انعطافة حادة في حياة البشرية، الشيء الذي يدفع دول العالم لإعادة التفكير في أولويات البحث العلمي، ووضع البحوث التي تخدم البشرية جمعاء في مقدمة أولوياتها، وتأمين الدعم المالي الكافي، ورفع أية قيود تمنع التعاون الدولي لتنفيذها.
[email protected]
